لغة الأجداد - 15 أبريل 2013

صحيفة المدينة

لغة الأجداد - 15 أبريل 2013

2021-11-10    499

في مطالع القرن الميلادي الماضي وقف شاعران: مشرقي ومغربي ينعيان واقع اللغة العربية، ويبكيان ما آلت إليه، ويهيبان بأبناء الإسلام والعروبة أن يتداركوا ويدركوا، عسى أن يعود العرب للعربية مقبلين محبين، وترجع العربية للعرب عروسا مجلوة تسر الناظرين.
أما المشرقي فحافظ إبراهيم، الذي أطلق صرخته الشهيرة:

فلا تكلوني للزمان فإنني ... أخاف عليكم أن تحين وفاتي!
وأما المغربي فعلال الفاسي الذي أعلنها صريحة:
والقاذفون لها بالعجز ما جهلوا ... بأنها فوق ما ظنوا وما اعتقدوا
ومنذ ذلك التاريخ وأحباب العربية ورجالاتها ومخلصوها يتداعون بحثا، وتحليلا، وتفكيرا، واقتراحا لعلهم يفلحون في رسم ملامح واقع جديد للغة القرآن المبين، ولسان أشرف المرسلين.
ولست أقلل من جهد أحد ولا عطائه، فقد بذل الكثير، ولكن الواقع ما زال يشهد بأن بيننا وبين ما نؤمله للعربية شوطا طويلا، لا يقطعه إلا الأشداء من ذوي العزائم والإخلاص.
وقد أفضى بي التأمل والنظر إلى أن ملامح الواقع اللغوي المنشود لا ترتسم إلا عبر ثلاثة أركان: إرادة سياسية، ورؤية علمية، ومشروعات عملية.
فالإرادة السياسية تفرض، والرؤية العلمية تعرض، والمشروعات تزاوج بين هذين في آلية تنهض وتنهض.
وأملت خيرا في أن تكون بلادنا هذه: المملكة العربية السعودية هي حاملة العبء الأكبر في مسؤولية التجديد اللغوي نظرا لاجتماع هذه الأركان.
فالإرادة السياسية لسيدي خادم الحرمين الشريفين في خدمة العربية ظاهرة، تتمثل تجلياتها في إنشاء مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية، وفي مبادرته لإثراء المحتوى العربي التي جعلت من المملكة بحمد الله أكثر الدول العربية إثراء للمحتوى العربي على الشبكة العالمية للمعلومات، وفي قرارات الإلزام باللغة العربية في المكاتبات الرسمية، والدوائر الحكومية، والسجلات التجارية.
والرؤية العلمية تنسجها عشرات الكليات الأكاديمية، والمؤسسات العلمية السعودية، التي تعتني بشأن اللغة العربية، وتنشر من أجلها البحوث، وتقيم الملتقيات والمؤتمرات، والمشاريع العملية كثيرة لعل من أضخمها وأكبرها الملتقى التنسيقي للجامعات والمؤسسات المعنية باللغة العربية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي ينظمه مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية في الرياض الشهر القادم.
إذن .. هذه بلاد مباركة التقت فيها ثلاثية التمكين للعربية عبر إرادة سياسية، ورؤية علمية، ومشاريع عملية، فلعلها أن تنهض بواجب هذه اللغة الشريفة ويكون لها قصب السبق.


مشاركة :